القائمة الرئيسية

الصفحات

معاهدة السلام بين البيئة والإنسان

 


خلق الله الكون وما فيه فى توازن دقيق وبديع حتى أن نقصان أو تغير عنصر واحد أو مكون واحد من مكوناته كفيل أن يتسبب فى مخاطر على كل من يعيش فيه وحتى الظواهر التى إعتبرها الإنسان كوارث مثل الفيضانات والزلازل والبراكين أثبت العلم الكثير من أسرارها بل وأظهر فوائد لوجودها وجاوب الإنسان عبر التاريخ من خلال العلم عن السؤال الذى دائماً ما كان يشغله وهو " لماذا يحدث ذلك ؟ " .

إن الإنسان فى الماضى كان يظن وكذلك الآن مازال يظن أن الطبيعة هى من تشن الحرب عليه وانه مجبر على مقاومتها والتغلب عليها وتطويعها لصالحة ولم يترك ضوضائه وصخب حياته الأنانية اللاهية ليتأمل ويسأل نفسه  " من المسئول ؟ " وحتى وإن فعل البعض ذلك وواجه الحقيقة للأسف لا تزيد ردود أفعالة عن أمنيات وأحلام وشعارات .

إن الإنسان انطبق عليه قول باربرا وارد : " لقد نسينا كيف نكون ضيوفًأ صالحين، وكيف نعيش على الأرض كما تفعل مخلوقاتها الأخرى" فبدلاً من أن يتكيف مع كل ما يحيط به للأسف تمرد على البيئة وأراد أن يطوعها بأن أعلن الحرب عليها إلى درجة جعلته يغير من مكوناتها ويتلاعب بمقدراتها ويشوه جمالها بحجة الرغبة فى التقدم والتطور والرفاهية فقطع الأشجار ليبنى المنازل وحول الغابات الخضراء إلا غابات خرسانية وأسرف فى إستهلاك المياه وحتى يولد الطاقة ويستخدمها لوث الهواء وحتى يزيد من إنتاجية الأرض لوث التربة بالمبيدات والكيماويات وبهذه الممارسات وغيرها وبأفعاله المقصودة وغير المقصودة  أصبح الإنسان الذى أوصاه الله ليحافظ على البيئة التى هى من أجله هو نفسه من يعتدى عليها  ويدمرها فصرخت الخليقة وتعالت أوجاعها وتقرحت وتلوثت جراحاتها فإنتشرت الفيروسات والأوبئة وأصبح الإنسان هو أول من يتجرع نتائج حربه ضد البيئة .


إن الإنسان فى حاجه حقيقية وإلزامية للتفاوض مع البيئة و بدلاً من الشعارات و المؤتمرات التى تنادى بالمحافظة على البيئة وحمايتها عليه أن يفعل ويستمر فى الفعل وعلى كل إنسان فى أى مكان أن يبدأ فى صنع سلام حقيقى وأن يتعامل بأمانه مع البيئة التى حوله وأن ينظر بعدالة و يعترف بأنه هو المخطئ لعل البيئة تعود فتكون مصدر الراحة والسلام والهدوء له ولنضع جميعنا أمام أفهامنا وأبصارنا كلمات قداسة البابا الراحل البابا يوحنا بولس الثانى حينما قال " لن تستمر الأرض في تقديم خيراتها إلا للأيادي الأمينة، فلا يمكننا أن نقول أننا نحبّ الأرض ونتخذ خطوات لتدميرها ومنع استخدامها من قبل الأجيال القادمة " .


                     أيمن كرم باسيلى 

تعليقات